فلك سيدنا نوح وحقائقها الثمانية
الحقيقة الأولى:بقاء السفينة وموقعها
{ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آَيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) } [ القمر ]. فقد قرر القران الكريم بقاء السفينة وخلودها كأثر دال على الحدث واية للعالمين ولفظ تركناها يدل على بقاء السفينة كما قال بذلك أغلب المفسرين منهم ابن كثير.
وقد وجدت بالفعل بعثة علمية أمريكية برئاسة "رون وايات " طابع السفينة كاملًا فوق جبل الجودي في جنوب تركيا . ( واستوت على الجودي) سورة هود.
الحقيقة الثانية: حجم السفينة.
المصطلح المفضل في القرآن الكريم لسفينة نوح هو " الفُلك "، إذ ذكر ثمان مرات، والفَلْكة لغةً ( كما في لسان العرب ) هي المكان المستدير المرتفع من الأرض، والفَلَََك هو المدار الواسع، والفُلك قياسًا اصطلح للسفينة الكبيرة، وهو ما تحقق في الكشف سالف الذكر إذ تبين أن طوله 550 قدمًا أي أكبر من أية سفينة خشبية عرفها الناس وهي السفينة الأمريكية " وايومنج " التي وصل طولها إلى 330 قدمًا فقط وهي من سفن القرن التاسع عشر.
الحقيقة الثالثة: شكل السفينة.
أخطأت التوراة الحالية في وصفها لشكل سفينة نوح؛ إذ نجد فيها الطول ستة أضعاف العرض! فهي إذًا مستطيلة جدًّا وهم يرسمونها كذلك، ويسمونها بالإنجليزية Noah’s ark، أي " تابوت نوح " والتابوت هو الصندوق أي مستطيل كذلك، ولو واجهت هذه السفينة أمواجًا عاتية لانفلقت؛ لأن المقدمة مستوية.
فقد صحح هذا الخطأ بلطف شديد، إذ عبر القرآن الكريم عن وعاء نوح ثمان مرات بالفلك، وفي مرة واحدة ذكر " السفينة ".. { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ } [ العنكبوت: 15 ]؛ وذلك لإظهار جزئية شكل ذلك البناء الذي يمخر المياه والذي صنعه نوح , وهو أنه شكل السفن الحالية التي لها مقدمة شبه مدببة تقشر وجه الماء , فالسَفْن هو القشر في المعاجم. ولم ترد كلمة سفينة في القرآن مرة أخرى إلا في قصة موسى والخضر في سورة الكهف ثلاث مرات لمساكين { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ }.
الحقيقة الرابعة: أبعاد السفينة.
لا نستبعد بعد ذلك أن تكون هناك أبعاد وتفاصيل بناء بسيطة لكنها معجزة في السفينة فقد قال تعالى: { وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا } [ هود: 37 ]. أي إن نوح نفّذ فقط الأوامر الإلهية لصناعة السفينة، و لم يكن الصانع الحقيقي لها.
و لقد كان عجيباً إن نجد في أدبيات بعض الشعوب القديمة ( مثل أدبيات شعب الأزتك من الهنود الحمر ) أن السفينة صُنعت بوحي من الله .
و لعل هذا هو تحقيق قوله تعالى: " بأعيننا و وحينا " وقد وجدوا أبعاد بقايا السفينة في الجودي في تركيا تستخدم الثوابت الرياضية المعجزة مثل الباي والفاي. و هي الثوابت الرياضية التي بها توزّع حبيبات الزهور ودرجات ميل قرون الأيائل وأمواج البحار. و قد قيل أن سبب إبداع رسّام القرون الوسطى الشهير " دافنشي " هو استخدامه لهذه الحسابات العلمية. فأنّى لنوح بهذه العلوم في ذلك الوقت ؟ إنها أعين الله و وحيه.
الحقيقة الخامسة: استواء السفينة.
حين رأيت صور طابع السفينة في موقع الجودي وجدتها مائلة نوعًا ما، فقلت في نفسي: القرآن دقيق في لفظه وقد قال أن السفينة استوت ولم يقل فقط استقرت، والاستواء لا ميل فيه، لكني حين سمعت شهادة الفلاح الكردي " رشيد " الذي اكتشف السفينة عام 1948م زال اللبس، فقد قال إن هذه الأرض كانت " مستوية "وكانت تزرع، لكن زلزال ذلك العام رفع هذه الكتلة في هزته الثالثة!!.
الحقيقة السادسة: مراسي السفينة
ذكر الباحث الأمريكي " ديفيد فاسولد " DAVID FASOLD أن بعض القرى المجاورة لموقع الجودي بها عدد كبير من الصخور المستطيلة المنحوتة نحتًا بشريًّا وبكل منها فتحة علوية لإدخال الحبال وهي مماثلة – كما يرى – للمراسي المستخدمة في السفن القديمة، مثل المرسى الفرعوني الذي وجد على الساحل اللبناني والمحفوظ الآن في المتحف الوطني في بيروت، كما أنها منتشرة في سواحل البحر الأبيض المتوسط لسفن ما قبل 1200 عام قبل الميلاد (6)، مع الفارق أن مراسي سفينة نوح أضعاف وزنها، وهذه القرى تقع على ارتفاع 6000 مترًا من سطح البحر وعلى بعد أميال عديدة منه، فما الذي جاء بها إلى هذا المكان ؟ رأى هذا الباحث الأمريكي أن هذه المراسي تعود إلى سفينة نوح التي يقع طابعها وبقاياها قريبًا من تلك القرى التي بها المراسي، كما رأى أن هذا هو تحقيق ما ذكره القرآن الكريم في قوله تعالى: { بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [ هود: 41 ].
الحقيقة السابعة: ألواح السفينة
قال تعالى عن سفينة نوح: { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } [ القمر: 13 ]، وهو هنا يتفق بديهةً مع سابقيه زمنًا من الكتب من أن المادة الأساسية لصنع السفينة هي الأشجار، لكن القرآن الكريم تفرد بذكر هيئة أخشاب هذه الأشجار وهي الألواح، إذ من الممكن أن تكون السفينة قد صنعت من تجميع جذوع الأشجار كما هو حادث في بعض السفن الخشبية التي عرفها الإنسان.
لكن القرآن الكريم حدد هنا وقال: { أَلْوَاحٍ } أي ألواح خشبية، وبالطبع لم تبق هذه الألواح الخشبية على حالها عبر آلاف السنين، فقد " تصخرت " أي بقى شكل نسيج الخشب مع إحلال جزيئات الرمال (silica) بأنسجة الخشب فيما يعرف جيولوجيًّا بـ selicificatoin، فيتحول اللوح الخشبي إلى لوح خشبي متحجِّر selicified، وهو ما وجد فعلًا في الموقع، والطبيعة لا نجد فيها لوحًا خشبيًّا متحجرًا بل لا بد أن يكون هذا اللوح من صنع الإنسان قبل أن يتصخَّر.
الحقيقة الثامنة: دُسُر السفينة
من أهم ما اكتشف في موقع السفينة بالجودي " المسامير " المعدنية rivets، وقد وجدت كبيرة الحجم وعلى هيئة المسمار " البرشام " وبالطبع طرأ عليها تغيرات مع الزمن مع تداخل مادة " السيليكا " من محيط السفينة الرملي.
وجدت ذلك بعثة الباحث الأمريكي " رون وايات " RON WYATT في أواخر سبعينات القرن العشرين حين استخدم لأول مرة " كاشف معادن " Metal detector أشبه بكاشف الألغام في الموقع، ووجدوا دليلًا على ترسبات معدنية داخل الجدران ثم عاود الكرَّة عام 1984م وأخذ عينة من تلك الترسبات وحللها في معامل مختصة فتبين أنها خليط معدني من صنع الإنسان ألا يذكرنا ذلك بقوله تعالى: { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} ؟ والدسار هو المسمار .
عن موقع موسوعة الإعجاز بتصرف
www.55a.net